تلوث الهواء يخنق الحركة السياحية في مدينة شيانغ ماي التايلاندية

تلوث الهواء يخنق الحركة السياحية في مدينة شيانغ ماي التايلاندية

أصبحت شيانغ ماي، العاصمة السياحية لشمال تايلاند، من أكثر المدن تلوثاً في العالم، ما يعرّض الزوار والمقيمين لاستنشاق هواء مضرّ جداً صحياً.

فمدينة المعابد الكثيرة التي لَفَّها صباح الجمعة الماضية ضباب كثيف ناجم عن التلوث، حلّت في المرتبة الأولى في ترتيب المدن الأكثر تلوثاً في العالم، بحسب شركة مراقبة جودة الهواء "آي كيو إير" IQAir.

وبلغَ مستوى جسيمات "بي ام 2,5" (PM2,5) الدقيقة التي يمكن أن تدخل الدم وتُسبب السرطان، حداً وُصف بأنه "سيئ جداً للصحة"، بحسب "آي كيو إير"، إذ ارتفع إلى ما يعادل 35 ضعف العتبة التي توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوزها.

ولاحظ كامول (62 عاما)، وهو بائع برتقال في أحد أسواق المدينة، أن درجة التلوث "مرتفعة جداً". 

وقال "كل ما أملكه هو هذه الكمامة، وهي نفسها التي استخدمتها خلال جائحة كوفيد"، وفق فرانس برس.

وكثيرا ما تشهد شيانغ ماي مستويات عالية من التلوث خلال الأشهر الأولى من السنة، عندما يحرق المزارعون في المناطق المحيطة والدول المجاورة الحقول بعد الحصاد كي يتمكنوا من إعادة زرعها بسرعة وبتكلفة أقل.

وتسهم حرائق الغابات وأبخرة العوادم كذلك في تفاقم المشكلة التي لم تدرك الدولة الآسيوية خطورتها إلا في الآونة الأخيرة.

ووافق رئيس الوزراء التايلاندي سريثا تافيسين في يناير على مشروع قانون نقاوة الهواء سعياً إلى الحدّ من عواقب تلوث الجو الذي بات يهدد أكثر فأكثر صحة التايلانديين.

وأفادت دراسة رسمية بأن عشرة ملايين من هؤلاء استشاروا عام 2023 طبيباً في ما يتعلق بمشكلات الجهاز التنفسي.

 إلغاء حجوزات 

إلاّ أن سكان شيانغ ماي أكدوا أنهم لم يتلقوا أي مساعدة بعد، ومنهم بائع البرتقال كامول الذي يتنهد ويهز رأسه عندما يُسأل عن الموضوع.

وأشار إلى أنه يحرص على الخضوع كل سنة لمجموعة من الفحوص الطبية "وخصوصاً في ما يتعلق بأمراض الجهاز التنفسي".

وقال ساريا (50 عاماً) خلال تبضّعه في شيانغ ماي إن "درجة التلوث دائمة الارتفاع، وخصوصاً في هذا الوقت من السنة".

وأضاف "لا يمكننا أن نفعل شيئاً لأن التلوث شديد".

وإذ أوضح أن وقوع المنطقة في منخفض طبيعي يصعّب حل المشكلة، أعرب عن قلقه خصوصاً في شأن أولئك الذين يعانون مشكلات صحية مزمنة.

وأدى ارتفاع مستويات التلوث في العام المنصرم إلى منع السياح الأجانب من زيارة المدينة، ما أثّر سلباً على أعمال الباعة الجائلين. وأشارت جمعية الفنادق المحلية إلى أن أعداداً كبيرة من حجوزات التايلانديين أنفسهم أُلغيت.

لكنّ شوارع شيانغ ماي تبقى تغصّ بسياح يتجولون بين المعالم الأثرية غير آبهين على ما بدا بالضباب الدخاني.

وقال آندي، وهو سائح صيني يبلغ 32 عاماً: "أنا لا أخاف من التلوث"، وذكّر بأن الصين تعاني هي الأخرى من سوء نوعية الهواء.

وأضاف: "أكتفي بالاستمتاع بالمدينة لأنها جميلة جداً".

أما غِيّوم، وهو سائح فرنسي، فعلّق قائلاً: "ما على الزائر إلاّ أن يواصل أنشطته ويستمتع بيومه".

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية  وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

اتفاق تاريخي

وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية